اليمن بين نار الحرب ولهيب المعيشة. صرخة من تعز وعدن وسائر المحافظات. محمد منصور المليكي

 اليمن بين نار الحرب ولهيب المعيشة. صرخة من تعز وعدن وسائر المحافظات


من تعز إلى عدن، ومن صعدة إلى المهرة، تعلو صرخات الناس في كل زاوية من هذا الوطن المنكوب. صرخات الجوع والمرض والحرمان، صرخات لا تسمعها إلا آهات البسطاء ممن أنهكتهم سنوات الحرب، وأكلت أرواحهم قسوة المعيشة، وجعلت من الوطن مسرحاً للمعاناة لا تنتهي.


تعز تستغيث... وعدن تحترق


تعز، المدينة المحاصرة منذ سنوات، لا تزال تعيش أسوأ ظروفها: قذائف، حصار، غلاء، وانعدام للخدمات الأساسية. لا كهرباء، لا ماء، لا مستشفيات تليق بالكرامة الإنسانية. والمواطن، بين سندان الحاجة ومطرقة الحرب، يستمر في العيش على فتات المساعدات و"أمل مؤجل".


وفي الجنوب، عدن التي قيل إنها "العاصمة المؤقتة"، تحولت إلى سجن مفتوح. الحر لا يُحتمل، الرطوبة خانقة، الكهرباء مقطوعة أغلب الوقت، والأسعار تشتعل كل يوم دون حسيب أو رقيب. الرواتب لا تُصرف، وإن صُرفت فهي لا تكفي ثمن كيس دقيق أو علبة دواء. المواطن العدني اليوم لا يختلف عن غيره في المحافظات الأخرى: الكل يتألم.


صرخة من جميع المحافظات: كفى عبثاً


في ظل غياب الدولة، والتمزق السياسي، وازدواج السلطات، أصبح المواطن ضحية صراعات لا ناقة له فيها ولا جمل. الشرعية في منفى اختياري، لا ترى من معاناة الناس سوى ما يعرض في نشرات الأخبار. والحوثي لا يعبأ بمعاناة الناس ما دام سلطانه ممتداً. والأطراف الأخرى مشغولة بصراعات مناطقية ومكاسب آنية.


أما المواطن، فقد أصبح رقماً في إحصائيات الجوع، أو صورة في تقارير المنظمات الإنسانية. لا أحد يسأل عن معاناته، ولا عن حلمه بحياة بسيطة، فيها ماء نقي، وكهرباء، ودواء، ومدرسة، ووظيفة.


1 من كل 1000... فقط


بينما يغرق 999 من كل ألف في الجوع والمرض والحاجة، هناك قلة قليلة فقط، تعيش برخاء غريب وسط هذا الجحيم. أثرياء الحرب، سماسرة المعونات، قيادات الفساد السياسي والاقتصادي، من يعيشون في الفنادق، أو في القصور المحصنة داخل البلاد، لا يشعرون بشيء مما يعانيه هذا الشعب. وكأن الوطن بالنسبة لهم مجرد فرصة للنهب لا مسؤولية للإنقاذ.


إلى متى؟


الصرخة اليوم ليست من تعز أو عدن فقط، بل من كل قرية ومدينة في اليمن. من الأرياف المحاصرة، ومن المدن الخانقة. آن الأوان أن يسمع العالم، وتستيقظ الضمائر، ويقف اليمنيون وقفة حقيقية لإنهاء هذا العبث.


لا نريد أكثر من حياة كريمة، لا نطالب إلا بحقوقنا الأساسية، لا نريد حرباً ولا نفاقاً سياسياً. فقط وطن... ووطن للجميع.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السيرة الذاتية د.محمد منصور عبده المليكي

رسالة اعتذار من أستاذ جامعي. محمد منصور المليكي